09 August 2013

نفض الاعتصام ولا ما نفضش؟

رأيي المتواضع في الأحداث الحالية:

ما عندناش إلا طريقين لا ثالث لهما (وان كان ما سيحدث هو الحل الثالث العبثي):

1- الحل الأمني: وهو فض إعتصامي رابعة والنهضة، وده مش هيحصل إلا بالعنف وهينتج عنه دم وقتلى كتير.. ما فيش حاجة اسمها فض سلمي للاعتصامات بطلوا هري. الحل ده محتاج "استعدادات" عشان يتنفذ و"مكملات؟" عشان ينجح. الإستعدادات هي انك لازم تهيئ الرأي العام بحتمية فض الإعتصام (شغل البروباغاندا)، ولما تتأكد انه مطلب شعبي تخش تفض. وأيضا لازم نكون مستعدين لدفع ضريبة الدم اللي هيحصل ورد فعل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان. وهنا تأتي "المكملات" عشان ينجح الحل ده... من الأخر لازم تمشي في مشوار قمع الإسلاميين للأخر. يعني ما ينفعش تعمل خطوة قمعية (فض الاعتصامات) من غير ما تكمل أدوات القمع بتاعتك و إلا مش هتخلص وهيرجعوا يعتصموا تاني بعدد أكبر ومسيرات كل يوم. يبقى ساعتها لازم تعلن الطوارئ وتغلق كل وسائل اعلامهم وصحفهم وتعتقل أكبر عدد ممكن من القيادات والصف التاني والتالت وأي حد منهم ينزل مسيرة أو يقطع طريق وتصدر أحكام بالإعدام ضدهم وتصادر اموالهم وغيرها من وسائل القمع الناصرية على طريقة اللواء فؤاد الدجوي. وتلغي بقى الديموكراتيك بروسيس وقفل على منظمات حقوق الإنسان والصحافة.. التخريس للجميع، لكن ما ينفعش تفض الاعتصام وتسيبهم كده في الشارع.

2- الحل السياسي: وهو الحل بتاع المصالحة والكلام اللي انتوا عارفينه ده.. بس ده محتاج انك تقدم تنازلات وهو يقدم تنازلات وفعلا نتوافق على الدستور ومبادئ دستورية غير قابلة للتعديل ولا تخضع لأغلبية تضمن مبادئ أساسية للدولة والحقوق الانسانية تستوعب المجتمع ككل بغض النظر عن الأغلبية اللي في الحكم في فترة زمنية معينة. الحل ده بيتطلب الاعتراف بأن كل واحد لازم يتقبل الاخر... كل طرف لازم يتقبل حريات الاخرين الفردية وتحديدا الدينية وحريتهم في إقامة شعائرهم وتقرير مصير حياتهم واللايف ستايل بتاعهم ولازم نتفق ونعترف بهذا التنوع الثقافي المصري... ايوه الاسلامي لازم يقبل المسيحي والملحد والشيعي والبهائي والليبرالي والشيوعي والمرأة العاملة والراقصة والفنان والخمورجي والبكيني الخ.. والغير اسلامي لازم يتقبل الذقن والنقاب والسلفي والجهادي (السلمي) والمسواك الخ..
ساعتها لازم نقبل التحول من الفكر الجماعي للفكر الفردي.. حرية الفرد وعدم أحقية الجماعة في التدخل في حياته. وإلغاء وصاية الدولة على الأفراد وإقتصار دور من في السلطة على "إدارة" (وليس حكم) الدولة والأمن وتحديد السياسة الاقتصادية.

رأيي في الحلين: الحل الأمني ثبت فشله على مدار التاريخ المصري الحديث، وقمع الاسلاميين لا يؤدي الا الى عودتهم أكثر قوة من ذي قبل. أما الحل السياسي فهو بالطبع الأفضل والأسلم للجميع ولا بديل عنه إن كنا حقا نرغب في العيش في سلام اجتماعي. والتسامح لا يعني الانبطاح والإفلات من العقاب عن الجرائم ولو كانت مخالفة عربية. للحرية قوة تحميها.

ماذا سيحدث؟ الحل الأول محتاج شجاعة مش موجودة والحل التاني مش هيحصل لأن ما حدش هيقدم تنازلات... لا ده ولا ده وكعادة الحكومات المصرية على مدار التاريخ لا هتحل ولا هتربط وفي الغالب مش هتمشي في أي حل بشكل كامل وشامل، يعني هنعمل ميكس أمني سياسي بتنجاني لن يؤدي إلا إلى ترك المشاكل مفتوحة وزيادة الصديد في الجرح لا منه هنتدخل جراحيا لإستئصال المرض ولا منه هنعالجه أو نحتويه... إستمرار لمسلسل الفشل الذريع سيؤدي الى المزيد من الفوضى لن يستفيد منها الا الطرف السياسي الاكثر تنظيما..

أه على فكرة، الجيش مش بينزل إنتخابات والإخوان ببراجماتيتهم هينزلوا الانتخابات ولو كسبوكم استعدوا للمشانق بجد... والانتخابات جاية جاية في جميع السيناريوهات هيبقى فيها اسلاميين إلا في حالة الحل الامني. من الافضل ان تبدأوا بالشغل من دلوقتي.. الدولة مش هتفضل تحميكم من الإسلاميين كتير ده لو فضلت بنفس شكلها الحالي... المجتمع له دور المفروض يقوده أصحاب الفكر المضاد... بدلا من جهاد الكيبورد واللعب في الاي باد.

08 December 2012

عسكر ولا اخوانجية؟

تمر مصر بأزمة قد تكون الأصعب والأكثر تعقيدا في تاريخها الحديث. لدينا جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين الذين يتطلعون إلى تحقيق حلمهم الشمولي الإسلامي وأستاذية العالم من ناحية وحشد جماهيري رهيب من المعارضة المطالبة برحيل مندوبهم في الحكم, محمد مرسي, من ناحية أخرى.
معارضي التيارات الإسلامية يفتقدون إلى شيئان في غاية الأهمية في مواجهة منافسيهم: فهم ايديولوجية الإسلاميين, وطرح البديل.
حتى تستطيع مواجهة منافسك يجب أن تفهم اولا كيف يفكر وبناءا عليه تقرر سبل المواجهة ومن ثم تطرح البديل.الإخفاق في فهم التيارت الإسلامية ترتب عليه الكثير من الأخطاء التي وقعت فيها القوى السياسية "المدنية" منذ 25 يناير 2011 وحتى هذه اللحظة. لن أسرد هذه الأخطاء منذ بداية الثورة حتى الأن لأنني أعتقد انها أصبحت واضحة وضوح الشمس وكيف أن الإسلاميين إستطاعوا إستثمار هذه الأخطاء في صالحهم لدرجة جعلت من القوى المدنية تخدم مصالحهم في كل مرحلة من مراحل الثورة والفترة الانتقالية. لكن سأكتفي فقط بسرد الخطأ الذي تقع فيه القوى المدنية في الأزمة الراهنة. إندهشت القوة المدنية من رد الفعل العنيف للإسلاميين يوم الأربعاء الماضي (5 ديسمبر). مما يدل عن خطأ جسيم في فهم فكر هذه الجماعات. أن التيارات الإسلامية ترفض أدنى معارضة لها, فهي تعتبر نفسها حامي الإسلام وأن من يعارض مشروعها الإسلامي كافر أو مضلل ومحاربا للإسلام وعقوبته القتل أو النفي. ولعل كتابات حسن البنا وسيد قطب - أهم المراجع الفكرية الحديثة للتيارات الإسلامية- أكبر دليل على ذلك. ولعل تاريخهم المليء بالدماء اكبر دليل على ذلك. إن فكر الإسلام السياسي قائم على الشمولية التي ترفض أي تنوع فكري أو ثقافي أو سياسي في المجتمع "درأ للفتن". فكر قائم على التوحد في كل شيء: الملبس, المأكل, الفكر, الثقافة, أسلوب الحياة, اللغة, الدين, الخ... وأي خارج عن النظام المحدد سلفا يعتبر تهديدا لشموليتهم, قد يؤدي لاقتناع الناس به ومن ثم تمرد الناس عليهم ومن ثم فقدان سيطرتهم وسلطاتهم. ولعل تأيدهم لحكم قتل المرتد عن الإسلام -وهو حكم عليه خلاف فقهي - أكبر دليل على شموليتهم وتحصين أنفسهم من انفراط العقد منهم. والشمولية هنا تختلف عن السلطوية التي يتميز بها نظام مبارك. ثم يأتي بعد ذلك من يشبه التيارات الإسلامية بنظام مبارك الذي لا ايديولجية له! إن نظام حسني مبارك ولحزب الوطني لم يكن قائما على أي أساس ايديولوجي - بل على أساس تحالفات مصالح اقتصادية - سقط بسهوله في 18 يوم مظاهرات لسبب بسيط. وهو أن تماسك المصالح اضعف بكثير من التماسك الأيدولوجي, لأن المصلحة تبحث عن البديل الأقوى والأكثر ضمانة لها, عكس الايديولوجية التي تحارب دوما من أجل بقائها حتى النهاية.
على سبيل المثال, ما الذي يجعل ضابط الأمن المركزي -عديم الأيديولوجية- أن يحارب جحافل من المتظاهرين يوم 28 يناير من أجل نظام يبدو ضعيفا ومتأرجحا امام هذه الهجمة الشرسة؟ فكانت النتيجة أنه تراجع أمام الرياح العاتية حفاظا على حياته ومنصبه حتى يرى من سيربح المعركة ليقدم له فروض الولاء. أما لو كان هذا الضابط مسيسا وصاحب قضية/ايديولوجية لكان حرب حتى النهاية دفاعا عن بقاؤه وبقاء أيديولوجيته, لأنه لو خسر المعركة قد يخسر حياته ومنصبه بسبب انتماؤه للأيديولوجية التي ستكون محاربة من النظام الجديد وهذا هو حال الحرس الثوري الإيراني على سبيل المثال.
 للتذكرة: شعار جماعة الإخوان المسلمين هو "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".
هل في ظل كل هذه المعطيات التي تختلف عن معطيات نظام مبارك نعتقد أن وسيلة مواجهة الإخوان هي نفس طريقة مواجهة الحزب الوطني؟
من سيستطيع محاربة ميليشيات الإخوان وقمع ما لا يقل عن نصف مليون بني أدم مستعد يدافع عن أيديولوجيته حتى الموت في سبيل الجنة؟ هل تعتقدون أن التيارات الإسلامية ستستسلم عن المواجهة وتترك مشروعها الشمولي الإسلامي ينهار امام أعينها بعد 80 عاما من النضال؟هل تعتقدون انه لو رحل مرسي -فرضا- ستصمت التيارات الإسلامية وتسلم بهزيمتها؟ ماحدث يوم الأربعاء مجرد "قرصة ودن" ولو أستمر الحال على هذا الشكل "سيغضب الحليم" وما أدراك وما غضب الإسلاميين, وهنا أذكركم بـحوادث التسعينيات الإرهابية التي ذبح فيها المئات من المدنيين العزل -أشهرهم المفكر فرج فودة- بلا شفقة ولا رحمة.
وهنا يكون السؤال, لو لجأ الإسلام السياسي للقتال المسلح كأخر كارت لمواجهة تزايد الحشد الجماهيري ضده وحماية مشروعه "المقدس" من سيستطيع مواجهته؟ هل لدى أي من قوى المعارضة ميليشيات مسلحة لمواجهة ميليشيات الإسلاميين؟ لو كانت الإجابة بنعم إذن سنكون بصدد حرب أهلية لا نعلم متى وكيف ستنتهي. أما لو كانت الإجابة بلا -وهي الأرجح - إذن سنكون بصدد حرب شوارع دامية تزهق فيها الكثير من الأرواح لكن ستنتهي بإنتصار الطرف الاقوى والأكثر تنظيما: الإسلاميين. حينها سيولد نظاما اسلاميا قمعيا إلى درجة لا يمكن أن تتخيلها في أسوأ كوابيسك.

كيف يمكن إذن مواجهة ذلك؟ الاجابة للأسف الشديد: "حكم العسكر"! إذا انفلت عيار العنف ضد المعارضة في الشارع لن يكون خلاصها إلا بيد الجيش لأنه القوة الوحيدة في مصر التي لديها من إمكانات لمواجهة الجماعات المسلحة والتصدي لها. ولكن سيكون ذلك على حساب "الديمقراطية" التي نادت بيها ثورة 25 يناير. لأنه لا ديمقراطية في ظل أجواء من العنف الذي لا سبيل لمواجهته إلا القمع كما كان في الماضي! وهنا تأتي المعضلة, هل ستقبل القوة السياسية "حكم العسكر" بعد أن نادت بزواله طيل فترة العام والنصف التي تلت الثورة؟
حتما سيقول البعض -وأنا اولهم- لا لحكم العسكر ولا للدولة الدينية, لكن هل فعلا لدينا خيارات أخري؟ أم أنه مقدر لنا دائما أن نختار بين خيارين احلاهما مر؟ ستظل هذه الأسئلة قائمة حتى تطرح القوى المدنية "بديل" حقيقي عن طريق حلول عملية لمشاكل المواطن ذات أساس أيديولوجي تسوقه شعبيا.

02 September 2012

A ghost among lost men


That old guy, sitting alone in that café, writing on a piece of paper, sipping his coffee..
Behind his eyes lays a book of secrets..
You can see experience from his grey hair, durability from the grooves on his skin, knowledge from the book on his table and wisdom from his choice of cravate..
A gentleman indeed, he has the classy appearance of a veteran diplomat or politician, yet misery is carved on his face. 

He looks to the table in front of him, full of young guys and girls laughing out loud, with a straight dead face..
This look explains it all, it's not envy, but a reminder of his lost years of youth.. 
Yet he's content seeing them enjoying their lives and not doing like him..
He might have lost his life looking for something he didn't find, or fighting for a cause he didn't achieve, and he's not satisfied from the outcome.

Although he might have hurt a lot of people during his lifetime, he was a good guy as he had no other choice and he tried to avoid or compensate it..
One thing is sure about him, he's alone, nobody will remember him, he didn't build a family and his friends are gone.. 
Everyone faded away and vanished..
He knows that he will die alone, and he's hopeless to change it.
His only consolation is that one day someone might read his writings and remember him...

A ghost among lost men...
Karim El Tantawi.

27 June 2012

لا للتحرش... احترمها تحترمك

 لقد تألمت كثيرا عندما قرأت مقال الصحفية الشابة البريطانية (ناتاشا سميث) التي تعرضت لاعتداء جنسي جماعي في ميدان التحرير منذ عدة أيام. شعرت أننا خنا الأمانة وتجردنا من إنسانيتنا وأسأنا إلى مصر اساءة بالغة.
الصحفية تشرح تجربتها المؤلمة في المقالة وتشرح كيف تجرد هؤلاء الرجال -وهم عار على الرجولة- من انسانيتهم وتحولوا إلى حيوانات مفترسة تخرق كل الأديان والأعراف والتقاليد والقوانين الإنسانية. لن أتطرق إلى مضمون الواقعة, فمن يريد ان يطلع على المقالة يذهب إلى هذا الرابط:

عندما قرأت هذا المقال, شعرت أنه لم يعد هناك مجال للصمت لإن الصمت جريمة في حد ذاته, يجب ان نصرخ وبأعلى صوت ضد التحرش والاعتداء الجنسي. لم تكن قصة الصحفية البريطانية هي الاولى في مصر, بل هي مجرد حلقة في سلسلة لا تنتهي من الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها ملايين النساء في مصر (المحروسة) بشكل يومي.
أشعر بحزن عميق عما ألت إليه العلاقة مابين الراجل والمرأة في مصر التي اصبحت علاقة مشوهة ماسخة ومدمرة للمجتمع.

اعتقد إني لست أول من يتحدث في هذا الموضوع ولن أكون الأخير, لكن مايثير قلقي هو لماذا مشاكل مصر مزمنة؟ لماذا موضوع هام ومحوري كهذا لا يهتم به الإعلام والساسة؟ اين الباحثين الاجتماعيين ورجال الدين؟؟؟ أليست هذه مشكلة مجتمعية في الأساس؟ لماذا لم نرى مؤتمرا واحدا يبحث هذا الموضوع ويطرح توصيات وحلول؟ أنا لا أعلم الحل, لست باحثا اجتماعيا ولا من صناع القرار. كل ماأعلمه ان التحرش أو الإعتداء الجنسي ماهو الا جريمة قذرة ومنحطة ليس فقط تجاه المرأة, ولكن تجاه المجتمع ككل! نعم تجاه المجتمع وتجاه مصر!


إلى المتحرش: هل تعلم ان مصر اصبحت مشهورة في العالم بسمعة سيئة بسببك؟ هل انت سعيد عندما ينظر إلينا العالم بهذه النظرة؟ نظرة احتقار؟
يا متحرش مفيش مبرر لجريمتك, مهما كانت الظروف.
متقوليش أصل هي لابسة ولا مش لابسة, لانك كده بتعترف إنك حيوان ومش بتعرف تقاوم غرائزك. يعني أنت لو صايم وشفت فخده عالسفرة هتاكلها قبل الفطار؟ وعلى فكرة أنا ارفض هذا المثال لإن المرأة ليست سلعة كالفخدة, لكن لم أجد مثال أدق.
يا متحرش هل تعلم أن المرأة هي أختك وأمك وحبيبتك وزوجتك وخالتك وعمتك وصديقتك وزميلتك؟؟ وهل تعلم إن زي ماأنت بتتحرش بواحدة, في واحد تاني بيتحرش بهن؟
ماتقوليش اصلي مش عارف أتجوز لأن تحرشك في حد ذاته سبب من أسباب عدم قدرتك على الزواج!! عارف ليه؟ هل تعلم انك تدمر حياتك بشكل غير مباشر عندما تفعل ذلك؟ 
هل تعلم أنك تدمر العلاقة بين الرجل والمرأة التي هي أساس المجتمع؟ هل تعلم أن الإعتداء أو التحرش الجنسي يؤدي إلى ذعر المرأة من الرجال؟ هل تعلم أنك تجعل المرأة تخاف منك في كل شيء؟ هل تعلم أن هذا يؤدي إلى وضع المزيد من الحواجز في العلاقة بينكما؟ كيف ترتبط بامرأة وهي تخشاك وتكره ذكوريتك؟ هل تعتقد ان العلاقة ستكون صحية أو سوية؟ هل ستكون العلاقة متوازنة؟ هل ستكون سعيدا بذلك أم أن ذلك سيجعل حياتك الزوجية جحيم؟ الن يؤثر ذلك على عملك وإنتاجيتك وحياتك ككل؟
يا متحرش فكر جيدا واعلم انه لو أصبحت تعامل المرأة بإحترام متبادل ستصبح حياتك أفضل بكل تأكيد, وحجتك الوهمية للتحرش ستختفي. لو توقفت عن التحرش بالبنت ستجدها تتقبلك أكثر, تحترمك أكثر, والدها سيطمئن لك ويحترمك أكثر ويسهل عليك الزواج أكثر إذا كانت هذه هي مشكلتك. لو توقفت عن التحرش بالبنات لن تتفاداك المرأة وستتعامل معك دون خوف ودون "تناكة" وستجد نفسك مع الوقت تعيش علاقة طبيعية مع الجنس الآخر تؤدي إلى السعادة المتبادلة.


سيدتي ضحية التحرش: تقبلي أسفي بالنيابة عن رجال محسوبين على الرجال خطأ. 
اعلمي جيدا أنه هنالك الكثير من الرجال المحترمين, لم ينقرضوا. اعلمي جيدا أنه لابد وأن تكون القاعدة أن الأغلبية محترمين مهما تكاثر المتحرشون كالبكترية.

سيدتي, تأكدي انني وغيري من الرجال نشعر بما تشعرين,
 أستاء كثيرا عندما أكون سائرا في الشارع وتأتين من الجهة الأخرى وأرى في عيونك نظرة ترقب وحيطة, خوفا من أن أكون متحرش محتمل, ولكن لكي العذر. 
اشعر بالأسف عندما أريد التعرف أو التحدث لامرأة بحسن نية, وأجد المقابل نظرة شك وريبة, ولكن لكي العذر.

سيدتي, ليست كل نظرة اعجاب تعني تحرش, هناك اعجاب نبيل, هناك اعجاب محترم وسامي, في النهاية نحن بشر وخلقنا في جاذبية بين الجنسين.

سيدتي, ليس كل رجل يحاول استمالتك يعني انه يريد جسدك, تأكدي انه هناك رجل يريد قلبك.
لا أستطيع ان أطالبك بإفتراض حسن النية في الرجال, لكن أطالبك بإفتراض وجود رجال محترمين في هذا الزمان مهما ندروا.

سيدتي, تأكدي انني وكثيرون مثلي نشعر بالخزي والعار من هذه الظاهرة القبيحة الكريهة, وانا أعلم ان كلماتي لا تكفي ولا تأثير لها في وسط الذئاب, لكن أعدك أن أفعل كل مافي وسعي لمواجهة هذه الجريمة.

سيدتي, تقبلي إعتذاري, سيدي, أدعوك للإعتذار معي...





05 May 2012

التظاهر وحقوق الإنسان في ظل حالة العبث المصري


ماكادت تنتهي احداث العباسية الأخيرة حتى بدأت التصريحات واللقاءات والتحليلات ونظريات المؤامرة بالظهور في سماء السياسة المصرية العبثية. لن أتطرق للآراء المختلفة فيما حدث, لكن لم تكن احداث العباسية الاولى في سلسلة احداث مابعد الثورة. من ماسبيرو للعباسية مرورا بمحمد محمود, هو هو نفس السيناريو في كل مرة. تختلف الأسباب وربما الشخصيات ولكن السيناريوهات والنتائج متطابقة! وهنا تكمن الكارثة التي تظهر فشل الدولة المصرية والقوى السياسية والثورية. لذلك, أحمل كل الأطراف مسئولية كل مايحدث ولاانحاز الا للحق الذي يصعب رؤيته في ظل هذه الفوضى, وتضيع الحقيقة في ظل عبث الساسة والاعلاميين.

نحن يا سادة ندور في حلقة مفرغة, وما يزيد الطين بلة هو عدم رؤية المشكلة الحقيقية والعجز عن طرح حلول للمشكلة. وبمنتهى البساطة نحن ندفع ثمن عدم وجود معايير وقواعد  لأي شيء في مصر, بما فيها الممارسة السياسية. 

بعد حدوث مايسمى بثورة يناير, تفتق ذهن المصريين إلى أن الوسيلة الوحيدة لإسترداد الحق هي التظاهر أو الاعتصام. بل ذهب البعض إلى ماهو أبعد من ذلك باستخدام حق التظاهر والاعتصام بشكل تعسفي للمطالبة بأكثر مما يستحق. وكانت النتيجة الطبيعية لذلك هو اسهال المظاهرات والاعتصامات الذي لا ينتهي في مصر. قد يعتبر البعض ان هذه ظاهرة صحية وان الشعب المصري بات أكثر وعيا من زي قبل. 
ولكن اختلف مع هذا الطرح لسبب وهو ان التظاهر حق من حقوق الإنسان التي لا يختلف عليها انسان عاقل, ولكن شأنه شان جميع الحقوق, يجب ممارسته بلا تعسف وبلا ضرر بحقوق الآخرين. ولترجمة تلك النظرية إلى واقع عملي, لابد ان تتفق جميع الأطراف.

لا مفر من وضع ضوابط لممارسة حق التظاهر والاعتصام. لابد من تحديد نطاق هذه الممارسة في قواعد شفافة تحقق الغاية دون ضرر أو تعدي على حقوق الآخرين أو إخلال بالأمن القومي.
لا مفر من تعريف حدود حق التظاهر وسبل مكافحة تجاوزات هذه الحدود في اطار من النسبية.
أي انه لا يعقل ان تقوم أي مجموعة بالتظاهر في أي مكان وأي زمان, ولا يعقل أيضًا ان يقوم العاملين بالمرافق الحيوية للدولة (كالمستشفيات أو الاسعاف مثلا) بإضراب يؤدي إلى عدم توفير احتياجات المواطن من علاج وتدهور حالات كثيره قد تصل إلى الوفاة! 
الكثير من الدول (كفرنسا مثلا) ذهبت إلى تحديد الاضرابات عن طريق تطبيق مايسمى بالحد الأدني من الخدمة, أي انه يمنع إن يقوم كل العاملين بقطاع معيَّن بإضراب كامل, والإكتفاء باضراب جزئي لضمان ان يحصل المواطن على حد ادني من الخدمة. ناهيك عن الزامية اخطار الجهات المختصة بالاضراب أو المظاهرة وتحديد مكانها وزمانها وموضوعها, وذلك من اجل الإعلان عنها للجمهور مسبقا و من اجل تأمينها وتأكيد عدم خروجها عن محتوى الإخطار. وإذا اعترضت الجهات الأمنية على التظاهرة (لأسباب امنية مثلا), يفصل في ذلك القضاء الإداري الذي يتحقق من جدية سبب الاعتراض.
في ظل هذا الإطار التنظيمي الواضح لحق التظاهر, من السهل رصد التجاوزات إن حدثت وتطبيق القانون على المتظاهرين المخالفين.

على صعيد أخر, لا يعقل لا ان يتظاهر الناس امام وزارة الدفاع ويبدأوا بإلقاء الحجارة على العساكر ثم يقوم العساكر بالرد عليهم بنفس الطريقة! يجب تحديد كل تجاوز وتحديد طريقة التعامل معه, القاء الحجارة لا يصح ان يساوى بإطلاق النار مثلا.
بالاضافة إلى ذلك, لابد من تدريب قوات الأمن على طريقة التعامل مع المتظاهرين وطرق فض الاعتصامات بأقل ضرر ممكن عند حدوث تجاوزات من المتظاهرين, مع التأكيد على عدم استخدام أي عنف غير مبرر أو غير متناسب مع حجم التجاوز. ويفضل ان تكون هناك وحدات خاصة من الشرطة للتعامل مع المظاهرات, فلا يعقل ان يكون ضابط الأمن المركزي هو نفسه من يتعامل مع مسلحين في يوم ويتعامل مع متظاهرين في يوم آخر. أيضًا في ظل تحديد المهام وطرق التعامل مع المظاهرات بشكل واضح ومعرف في القانون تفصيلا, يسهل رصد تجاوزات أي فرد من أفراد الأمن وتقديمه للعدالة في حالة تجاوزه.

أنا اتحدث عن الموضوع بشكل سطحي بالتأكيد, حيث ان موضوع معقد كهذا يحتاج إلى مناقشات تفصيلية من قبل المختصين للوصول إلى صيغة تناسب الأوضاع الحالية بمصر. لكن الكارثة هي حالة الإنكار أو الجهل بهذا الموضوع من قبل نخبتنا السياسية والإعلامية, وافتراض اننا نعيش في المدينة الفاضلة وتوقع ان يقوم كل طرف بضبط نفسه دون نظام يحكمه!

دامت مصر سالمة.

31 March 2012

حتى لانعيد إنتاج الدكتاتورية



الثورة... تلك الكلمة التي تحولت إلى واقع نعيشه في مصر يراه البعض مرا ويراه البعض الآخر حلوا.
منذ ان بدأ الحشد ليوم 25 يناير 2011 ونحن لم نكن نؤيد هذه الثورة, ليس حبا في نظام مبارك الذي كنا نعارضه بإستمرار, ولكن كرها في ان تؤدي هذه الثورة إلى اعادة إنتاج نظام ديكتاتوري أكثر شراسة.
اختلافنا الاساسي مع الثوار هو شخصنة مشاكل مصر, أي اختصارها في عدة أشخاص أو مباني يجب الإطاحة بهم حتى يعم الرخاء والحرية في ربوع المحروسة. حيث اننا نرى ان مشاكل مصر هي مشاكل مؤسسية بالدرجة الأولى أدت إلى الفساد والدكتاتورية .
الاطاحة بمجموعة الأشخاص- من يطلق عليهم رجال النظام البائد غير كافي لأن مؤسسات الدولة المصرية المشوهة كفيلة لإعادة إنتاج نظام ديكتاتوري مهما تغيرت الأشخاص وذلك حتى لو أتينا بملائكة لإدارة البلد.
وقد يتحول النظام المعاد انتاجه إلى نظام أكثر قمعية وأكثر صعوبة لازالته لانه سيتعلم من ثغرات الماضي التي أطاحت به.
مثالا على ذلك هو نظام عبدالناصر الذي اتى بإنقلاب عسكري على الملك وعمل على اعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بحيث يصعب تكرار سيناريو الإنقلاب العسكري واصبح ذلك من رابع المستحيلات في مصر.
لذلك نحن نلوم على الثوار في تشخيصهم للمرض الذي اصاب جسد الوطن منذ عقود . الثوار غايتهم نبيلة نتطلع إليها جميعا ولكن وسيلتهم الخاطئة قد تأتي بنتائج عكسية!

لقد نادى الثوار برحيل مبارك فـرحل مبارك وأتى المجلس العسكري- الذي يطالبون برحيله الان- والذي سيرحل بدوره ليأتي رئيس جديد منتخب(الذي لن يرضيهم أيضًا). لقد نادى الثوار برحيل أحمد شفيق وأتى التحرير بعصام شرف ثم انقلب عليه ليأتي الجنزوري. أكبر دليل على ان المشكلة مؤسسية هو ان شرف الذي كان يمثل الثوار لم يرقى إلى تطلعات الشعب والتحرير.
لقد نادى الثوار بحل الحزب الوطني الذي احتكر مجلس الشعب ثم أتى الإسلاميون ليحتكروا مجلس الشعب بنسبة أكثر من  70% أيضًا!
ناهيك عن المطالب بتطهير مؤسسات الدولة مما يسمى الفلول أو بقايا النظام التي ستكون مبرر ومدخل للقيادة السياسية الجديدة (الاسلاميين) لتأتي برجالها (الفلول الجدد) للسيطرة على مصر!
 المشكلة ليست شرف ولا شفيق ولا مبارك ولا العسكري ولا الحزب الوطني ولا الإخوان ! المشكلة في أدوات الحكم في مصر: مؤسسات الدولة وقوانينها ونظامها.
أدوات الحكم هذه إذا أتيحت بهذا الشكل لملاك لكان فسد لأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة!

على سبيل المثال وليس الحصر, انتقد الكثيرون دستور 1971 واعتبروا أنه يعطي سلطات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية وهذا عار تماما من الصحة! يكفي القاء نظرة على دساتير الدول الرئاسية /البرلمانية مثل فرنسا, لوجدنا ان سلطات رئيس الجمهورية هناك لا تختلف كثيرا عن سلطات رئيس الجمهورية في دستور 71 المصري! لماذا إذًا كان لدينا هذا الإنطباع؟
ببساطة
هذه السلطات المطلقة هي "توجيهات السيد الرئيس"! يكفي ان يصدر السيد الرئيس توجيهاته شفاهة لأي مسئول لتنفيذ أمر معين حتى يهرول هذا المسئول لتنفيذ هذا الأمر في أسرع وقت ممكن على الرغم من ان هذا لا يقع في نطاق صلاحيات الرئيس الدستورية والقانونية! اذكر مثلا توجيهات مبارك -التي كررها مرارا - للاسراع بإلغاء سيارات النقل المقطورةرغم أن هذا ليس من سلطاته!
إن نظام الحكم  في مصر يؤدي عمليا إلى تجاوز السلطات بشكل غير مباشر .. يكفي ان تكون على قمة الهرم وتأتي برجالك في كل مناصب الدولة حتى تسيطر بشكل تام على الدولة المركزية الفرعونية.
نحن ندعي اننا نعيش ازهى عصور الديمقراطية في مصر بعد الثورة.. عذرا يا سادة نحن واهمون!
للديمقراطية آليات وضوابط وضمانات غير متوفرة بالمرة في ظل وجود نظام الحكم في مصر. الديمقراطية ليست مجرد انتخابات حرة تحدث مرة- تحت ضغط شعبي- قد تكون الأخيرة!

عن أي ديمقراطية نتحدث دون وجود حرية صحافة حقيقية؟ نعم لايوجد حرية صحافة أو رأي في مصر ويكفي القاء نظرة على القوانين المتعلقة بما يسمى بـجرائم النشر التي يتم التغاضي عنها حاليا ولكن قد تفعل في أي وقت. ناهيك عن الصحف الحكومية -الأوسع انتشارا- التي تتبع السلطة التنفيذية والقيادة السياسية أيا كانت؟
أين حرية الإعلام في ظل احتكار الإعلام الحكومي؟ وحتى الفضائيات التي تتمتع بقدر من الحرية اليست مرتبطة بشركة النايل سات التي تتبع الحكومة؟

عن أي ديمقراطية نتحدث دون وجود حرية نقابية حقيقية! الحرية النقابية ليست فقط انتخابات النقابات المركزية-المنشأة على النمط السوفيتي- التي ادت إلى اكتساح تيار سياسي واحد )الاخوان)؟ اين حرية إنشاء النقابات؟
اين حرية إنشاء الجمعيات الأهلية؟

ماذا عن مركزية الدولة واجهزتها التي تؤدي إلى سيطرة كاملة من السلطة التنفيذية؟ ماذا عن انتخاب العمد والمحافظين؟ ماذا عن قوانين المجالس المحلية المشوهة التي تؤدي إلى سيطرة العمدة أو المحافظ دون رقيب حتى لو أنتخب؟
ماذا عن استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية؟
ماذا
عن استقلال الجهات الرقابية عن السلطة التنفيذية؟ كيف نتوقع مثلا من جهاز حماية المستهلك ان يكون مستقلا وهو يتبع وزير التجارة  اداريا ويرأسه لواء؟

كيف نتحدث عن القضاء على  الفساد المالي بالدولة ونحن لدينا دولة متشعبة في داخل الإقتصاد وتتحكم فيه؟
نتحدث
عن ازمة الوقود دون البحث عن سببها الرئيسي: الدعم ومركزية التوزيع. يتهم البعض المجلس  العسكري والحكومة في التسبب بأزمة الوقود , ولماذا تعتقد إنه لو أتى أشخاص أخرون للسلطة لن يستخدمه هذا السلاح إن وجد ؟ هل تعتقد ان لو لم تكن الدولة مسيطرة على الوقود لكانت استطاعت استخدام هذا السلاح؟
ماذا عن كل هذا وغيرها الكثير من الأمثلة التي لن اتمكن من حصرها في هذا المقال؟؟؟

اليست هذه الادوات كفيلة لإعادة إنتاج نظام ديكتاتوري آخر؟ اليست هذه الأدوات إذا توفرت لأي قيادة سياسية -بغض النظر عن انتمائها السياسي- قد تؤدي إلى احتكار السلطة وقمع المعارضة؟ جدير بالذكر ان المعارضة الحرة هي أحد أهم اركان أي نظام ديموقراطي. يضحكني كثيرا من يقول ان الليبراليون وأنا معترض على تعميم هذا المصطلح على غير الاسلاميين قد كفروا بالديمقراطية لمجرد معارضتهم للأغلبية الإسلامية. بل يتمادى البعض ويقول ان على الأقلية التزام الصمت واحترام الإرادة الشعبية!!! من اين اتيتم بهذا الهراء؟ من أساسيات الديمقراطية هو وجود معارضة حقيقية, ولها ان تعارض وتنتقد بموضوعية أو غير موضوعية.
لماذا؟ لأن ذلك من شأنه الكشف عن سياسات الاغلبية وعرضها للنقاش وطرح الرؤى المختلفة, لعل يغييرالناخب من رأيه في المرة القادمة ويختار رؤى تناسبه أكثر.

وبعيدا عن كل هذه المخاطر الجسيمة ينادي الثوار باسقاط اشخاص أو جدران بعينها ويتناسوا عن قصد أو غير قصد -الفساد المؤسسي في الدولة المصرية الذي هو السبب الرئيسي فيما نحن فيه . يبحث الثوار عن الثأر والصدام مع الجيش فقط دون النظر إلى مصلحة الوطن العليا ينظرون تحت ارجلهم دون النظر إلى المستقبل. قد يكون ذلك نابع من حماس أواندفاع أو حسن نية ولكن كفانا اندفاعا وراء شعارات تؤدي بنا إلى الهاوية.
الحل ليس في اسقاط المجلس العسكري وبقايا النظام ولا الدولة .. الحل في اعادة هيكلة نظام الدولة.
 لو وضع الثوار الإصلاح المؤسسي )وليس التطهير) في مقدمة أولوياتهم وضغطوا على من في السلطة لتطبيقه, لتحققت الحرية والديمقراطية حتى لو رجع مبارك ورجاله إلى الحكم!

المفكر الليبرالي.