27 June 2012

لا للتحرش... احترمها تحترمك

 لقد تألمت كثيرا عندما قرأت مقال الصحفية الشابة البريطانية (ناتاشا سميث) التي تعرضت لاعتداء جنسي جماعي في ميدان التحرير منذ عدة أيام. شعرت أننا خنا الأمانة وتجردنا من إنسانيتنا وأسأنا إلى مصر اساءة بالغة.
الصحفية تشرح تجربتها المؤلمة في المقالة وتشرح كيف تجرد هؤلاء الرجال -وهم عار على الرجولة- من انسانيتهم وتحولوا إلى حيوانات مفترسة تخرق كل الأديان والأعراف والتقاليد والقوانين الإنسانية. لن أتطرق إلى مضمون الواقعة, فمن يريد ان يطلع على المقالة يذهب إلى هذا الرابط:

عندما قرأت هذا المقال, شعرت أنه لم يعد هناك مجال للصمت لإن الصمت جريمة في حد ذاته, يجب ان نصرخ وبأعلى صوت ضد التحرش والاعتداء الجنسي. لم تكن قصة الصحفية البريطانية هي الاولى في مصر, بل هي مجرد حلقة في سلسلة لا تنتهي من الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها ملايين النساء في مصر (المحروسة) بشكل يومي.
أشعر بحزن عميق عما ألت إليه العلاقة مابين الراجل والمرأة في مصر التي اصبحت علاقة مشوهة ماسخة ومدمرة للمجتمع.

اعتقد إني لست أول من يتحدث في هذا الموضوع ولن أكون الأخير, لكن مايثير قلقي هو لماذا مشاكل مصر مزمنة؟ لماذا موضوع هام ومحوري كهذا لا يهتم به الإعلام والساسة؟ اين الباحثين الاجتماعيين ورجال الدين؟؟؟ أليست هذه مشكلة مجتمعية في الأساس؟ لماذا لم نرى مؤتمرا واحدا يبحث هذا الموضوع ويطرح توصيات وحلول؟ أنا لا أعلم الحل, لست باحثا اجتماعيا ولا من صناع القرار. كل ماأعلمه ان التحرش أو الإعتداء الجنسي ماهو الا جريمة قذرة ومنحطة ليس فقط تجاه المرأة, ولكن تجاه المجتمع ككل! نعم تجاه المجتمع وتجاه مصر!


إلى المتحرش: هل تعلم ان مصر اصبحت مشهورة في العالم بسمعة سيئة بسببك؟ هل انت سعيد عندما ينظر إلينا العالم بهذه النظرة؟ نظرة احتقار؟
يا متحرش مفيش مبرر لجريمتك, مهما كانت الظروف.
متقوليش أصل هي لابسة ولا مش لابسة, لانك كده بتعترف إنك حيوان ومش بتعرف تقاوم غرائزك. يعني أنت لو صايم وشفت فخده عالسفرة هتاكلها قبل الفطار؟ وعلى فكرة أنا ارفض هذا المثال لإن المرأة ليست سلعة كالفخدة, لكن لم أجد مثال أدق.
يا متحرش هل تعلم أن المرأة هي أختك وأمك وحبيبتك وزوجتك وخالتك وعمتك وصديقتك وزميلتك؟؟ وهل تعلم إن زي ماأنت بتتحرش بواحدة, في واحد تاني بيتحرش بهن؟
ماتقوليش اصلي مش عارف أتجوز لأن تحرشك في حد ذاته سبب من أسباب عدم قدرتك على الزواج!! عارف ليه؟ هل تعلم انك تدمر حياتك بشكل غير مباشر عندما تفعل ذلك؟ 
هل تعلم أنك تدمر العلاقة بين الرجل والمرأة التي هي أساس المجتمع؟ هل تعلم أن الإعتداء أو التحرش الجنسي يؤدي إلى ذعر المرأة من الرجال؟ هل تعلم أنك تجعل المرأة تخاف منك في كل شيء؟ هل تعلم أن هذا يؤدي إلى وضع المزيد من الحواجز في العلاقة بينكما؟ كيف ترتبط بامرأة وهي تخشاك وتكره ذكوريتك؟ هل تعتقد ان العلاقة ستكون صحية أو سوية؟ هل ستكون العلاقة متوازنة؟ هل ستكون سعيدا بذلك أم أن ذلك سيجعل حياتك الزوجية جحيم؟ الن يؤثر ذلك على عملك وإنتاجيتك وحياتك ككل؟
يا متحرش فكر جيدا واعلم انه لو أصبحت تعامل المرأة بإحترام متبادل ستصبح حياتك أفضل بكل تأكيد, وحجتك الوهمية للتحرش ستختفي. لو توقفت عن التحرش بالبنت ستجدها تتقبلك أكثر, تحترمك أكثر, والدها سيطمئن لك ويحترمك أكثر ويسهل عليك الزواج أكثر إذا كانت هذه هي مشكلتك. لو توقفت عن التحرش بالبنات لن تتفاداك المرأة وستتعامل معك دون خوف ودون "تناكة" وستجد نفسك مع الوقت تعيش علاقة طبيعية مع الجنس الآخر تؤدي إلى السعادة المتبادلة.


سيدتي ضحية التحرش: تقبلي أسفي بالنيابة عن رجال محسوبين على الرجال خطأ. 
اعلمي جيدا أنه هنالك الكثير من الرجال المحترمين, لم ينقرضوا. اعلمي جيدا أنه لابد وأن تكون القاعدة أن الأغلبية محترمين مهما تكاثر المتحرشون كالبكترية.

سيدتي, تأكدي انني وغيري من الرجال نشعر بما تشعرين,
 أستاء كثيرا عندما أكون سائرا في الشارع وتأتين من الجهة الأخرى وأرى في عيونك نظرة ترقب وحيطة, خوفا من أن أكون متحرش محتمل, ولكن لكي العذر. 
اشعر بالأسف عندما أريد التعرف أو التحدث لامرأة بحسن نية, وأجد المقابل نظرة شك وريبة, ولكن لكي العذر.

سيدتي, ليست كل نظرة اعجاب تعني تحرش, هناك اعجاب نبيل, هناك اعجاب محترم وسامي, في النهاية نحن بشر وخلقنا في جاذبية بين الجنسين.

سيدتي, ليس كل رجل يحاول استمالتك يعني انه يريد جسدك, تأكدي انه هناك رجل يريد قلبك.
لا أستطيع ان أطالبك بإفتراض حسن النية في الرجال, لكن أطالبك بإفتراض وجود رجال محترمين في هذا الزمان مهما ندروا.

سيدتي, تأكدي انني وكثيرون مثلي نشعر بالخزي والعار من هذه الظاهرة القبيحة الكريهة, وانا أعلم ان كلماتي لا تكفي ولا تأثير لها في وسط الذئاب, لكن أعدك أن أفعل كل مافي وسعي لمواجهة هذه الجريمة.

سيدتي, تقبلي إعتذاري, سيدي, أدعوك للإعتذار معي...